لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم.
شفاء العليل شرح منار السبيل
223382 مشاهدة
الماء الطهور المكروه استعماله ومنه الماء المتغير بشيء طاهر لا يمازجه

قوله: [ أو بما لا يمازجه، كتغيره بالعود القماري، وقطع الكافور والدهن] على اختلاف أنواعه؛ لأنه تغير عن مجاوره لأنه لا يمازح الماء، وكراهته خروجا من الخلاف قال في الشرح: وفي معناه ما تغير بالقطران والزفت والشمع؛ لأن فيه دهنية يتغير بها الماء .


الشرح: أي يكره استعمال الماء في الطهارة إذا تغير بشيء طاهر لا يمازجه كما إذا تغير بقطع من الكافور، أو العود القماري، أو الدهن بأنواعه، فهذه الأشياء لا تمازج الماء، أي لا تخالطه وتذوب فيه، بل تغييرها له يكون عن مجاورة لا عن ممازجة، وكراهية هذا الماء لأجل الخلاف في سلبه الطهورية؛ لأن بعض العلماء قد ذهب إلى أنه طاهر غير مطهر، وقد علمنا أن التعليل بالخلاف لا يصح.
وقوله (قماري)- بفتح القاف- صفة لعود، وهي نسبة إلى بلدة بالهند تسمى (قمار)، وشجره يشبه شجر الخوخ، وقد جاء في الحديث الصحيح عليكم بالعود الهندي .
قال ابن القيم (العود نوعان: أحدهما يستعمل في الأدوية وهو الكست ويقال له القسط، والثاني يستعمل في الطيب ويقال له: الألوة، وهو أنواع: أجودها الهندي، ثم الصيني، ثم القماري ..) .
وأما الكافور فهو طيب معروف يستخرج من شجر كبار من جبال بحر الهند والصين وغيرهما، وهو أبيض شفاف قليل الذوبان في الماء.
وقوله: (والدهن على اختلاف أنواعه) أي سواء كان دهن الحيوانات أو دهن الأشجار، فهذا الدهن إذا صب في الماء لم يختلط به، بل يطفو في أعلاه، فيمكن تخليصه من الماء بواسطة نزحه منه، فيبقى الماء بعده صافيا.
والقطران- بفتح القاف وكسر الطاء- عصارة الأبهل والأرز ونحوهما فيتحلل منه، والمراد ما لا يمازج منه، وأما الذي يمازج فإنه يسلب الماء طهوريته.
وقوله: الزفت- بكسر الزاي- هو القار المعروف.
فالحاصل أن الماء إذا تغير بهذه الأشياء السابقة التي لا تمازجه فإنه يكره استعماله في الطهارة- على رأي المؤلف- لأجل الخلاف في سلب تلكم الأشياء لطهوريته، ولكن الصحيح- كما سبق- أنه لا يكره استعماله لعدم وجود دليل على ذلك، بل الماء باق على طهوريته، ويجوز استعماله في الطهارة، والخلاف إذا كان مخالفا لسنة صحيحة فإنه لا يستحب الخروج منه.